اثناء قيامها بأعمال المنزل ،كانت تستمع لأغنية كاظم الساهر
يدك التي حطت على كتفي ** كحمامة نزلت لكي تشرب
بدأت تفكر كيف تنزل يد المرأة على كتف الرجل ، وكيف تهوي يده على وجهها، سمعت كلمات نزار قباني المغناة ..إغرورقت واحرورقت عيناها بالدموع .. ثم بدأت تقارن بين اليد الصغيرة ( الحمامة البيضاء) وبين يده الضخمة التي تهوي على جسدها الرقيق بكل قسوة وغضب
وهنا تتسآئل؟!!
هل يحس بالرجولة حين يضرب بقسوة ؟
وهل هي رجولة هذه التي يمارسها ضد جسد رقيق وضعيف لا يقوى على الدفاع عن نفسه؟ .. كيف تستطيع هذه اليد الغليظة ان تهوي بسرعة الصقر وقسوة القدر لتجعل جسدها الصافي تشكيلة غير متجانسة من الألوان ؟
كيف؟؟؟
افاقت من ذهولها على صوته يصرخ طلبا للقهوة فأسرعت بأعدادها واخذها اليه حتى يشربها ويخرج لعمله المسائي لتعيش الساعات القادمة بسلام
اخذت بعد ذلك تدور بالمنزل .. تطالع المرايا و يسوئها ويحزنها ما ترى !!.. فالواقفة امامها انسانة تُهدر كرامتها كل يوم ، وهي لا تفعل شيئا غير الخنوع والخضوع
والإستسلام .
كل هذا بسبب الأولاد !!؟
تحاور نفسها اليس من الأفضل لهم لو انتهت حياتنا الزوجية لكي لا يسمعوا ويروا مايرونه كل صباح ومساء..؟
واثناء محاكاتها لنفسها وغيابها عن الواقع وهي تفكر بمرارة حياتها .. تذكرت فجاءة أن صديقة لها لم ترها منذ سنوات قد توفى الله زوجها، فبدأت بإعداد نفسها للذهاب لبيت العزاء .. دخلت واجمة .. فهي لم ترى صديقتها منذ زمن ، ولم تتمنى ان ان يكون اللقاء بمثل هذه المناسبة .. ولكن قدّر الله، وما شاء فعل
رأت حزن صديقتها الشديد والدموع تنسكب من عيونها انهاراً لا تنضب وهي تعدد مناقب الزوج الذي رحل عنها .. وكيف كان طيبا .. حنوناً .. دافئاً وعطوفاً ..... واخذت تحاكيه .. من لي بعدك يحنو علي و يملؤني حباً ودفءً .. من لي من بعدك يدخل من البيت مبتسما ومتشوقا لرؤيتي واولادي ويمسح لي على رأسي بيده الطيبة ويأخذني بين ذراعيه .. يقبل جبيني فينسيني التعب والمعاناة ؟
من ومن ومن؟!!!
كانت تسمع صديقتها تعدد مناقب زوجها وهي ترى النقيض في بيتها ومعاملة زوجها لها
وتسأل نفسها
هل قصرت يوماً بواجباتي نحوه او نحو بيتي واولادي؟
الست امرأة جميلة .. الا استحق الحب والتقدير والأحترام؟
بماذا اخطأت حتى اتلقى هذه المعاملة المزرية والقاسيه؟
كيف استطيع ان احب رجلاً لا يشعرني بأنوثتي واهميتي في حياته .. رجلا يسخر من مشاعري واحاسيسي وامنياتي البسيطة، بالحب .. الورود الحمراء .. الموسيقى الهادئة .. والرومانسية واضواء الشموع!!! ، ولا يعترف بأن لي حقوق .. رجل يستكثر عليَ حتى العيش بكرامة.....
غالبها التفكير وغلبها البكاء .. حتى اصابت الدهشة الجميع ، وحتى الزوجة المكلومة استغربت من تأثر صديقتها الشديد.
اخذوا يهدؤون من روعها بالكلمات المعروفة بمثل هذه المناسبات .. توكلي على الله .. هذا امر الله ولا راد لقضائه ، كلنا على الدرب سائرون .. انا لله وانا اليه راجعون
افاقت من نوبة البكاء الهستيرية .. تنبهت للوقت الذي داهمها ، واستعدت للعودة الى المنزل بسرعة قبل عودة زوجها فليست بحال يسمح بمزيد من المشاكل....
ودعت صديقتها على وعد بالعودة ، ثم غادرت ..وصلت منزلها .. فتحت الباب ، فملئت انفها رائحة البرودة ..وكأن الموت عشش هنا .. فأصابتها القشعريرة فبيت لاحب فيه ولا مودة .. اشبة بقبر باردٍ موحش .. جلست على كنبتها المفضلة واخذت تفكر ...
لم يزعجها شئ سوى صوت عقارب الساعة التي لا تهدأ ولا ترحم رأسها المتعب … ايقظت نفسها بكلمات ترددها دائما على نفسها .. أ بعد ما احتملت كل تلك السنين ليكبر الأولاد سأعجز عن المواصلة؟
يوما ما سيأتي الخلاص وتكون الراحة.
عادت لتستمتع ببعض الإسترخاء والسكينة، وفي اثناء حالة التأمل والسكون
فجأة فتح الباب..
أنتفضت من مكانها وقلبها يخفق بشدة
كان الزوج قد عاد
وانتهت لحظات التأمل و السلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق