الأربعاء، ٣ تشرين الثاني ٢٠١٠

شريط الذكريات … قصة قصيرة

شريط الذكريات …

تمسك بقلمها اثناء استعراض شريط آخر من اشرطة حياتها، وتتذكر كيف كانت طفولتها وصباها .
 
تبدأ بجملة مبهمة هي ما خطر ببالها لتسجل صفحة من صفحات حياتها.
 
 
قرر ان يترك عائلته فجأة
 
اخد قراره في وقت اخطر ما يكون بالنسبة لبناته
ادار بظهره الى عائلته التي ترتكز عليه  وتحتاجه لتستمر بالحياة.
 
صراخ وعويل
وتحطيم يزلزل البيت ويهدد بهدمه من اساساته
اصوات مرعبة
هذا ما استيقظت عليه البنات .. هرولن نحو باب غرفة الوالدين وهن يكمشن بثياب بعض .. وقلوبهن تتزلزل من هول الحديث الدائر .. ونبرة الحديث الذي كان يهدأ حيناً للتهديد
ثم يعلو حيناً آخر للوعد بالتنفيذ .
 
سمعن مالم تسمعنه من قبل .. على كثرة المشاكل التي حدثت سابقاً .. إلا ان هذه المرة تنذر بعاصفة.
 
وصدق إحساسهن!!!
 
كانت البنت الكبرى .. ولطالما دعت الله عز وجل  كل ليلة ان يبقى الحال على ماهو عليه فقط .. وان لا تزيد مشاكل .. وينتهي الأمر بوالديها  الى الطلاق .. فلم تكن تطمع بأكثر من ذلك لتستمر الحياة بينهما.. ربما لأنها فقدت الأمل ان يسود الحب بيتهم .. ويغلفه العطف والحنان كما كانت ترى معظم البيوت .. وكيف كانت السعادة  تلف حياة بعض العائلات القريبة والصديقة.
 
 
فجأة !!!
يخيم السكون
فالمعركة التي دارت بين الوالدين  انتهت بتركه المنزل.. قال للأم  قبل ان يخرج انها لن تراه مجدداً .
 
 اخرستها الصدمة نظرت الى طرف الباب وبناتها يمسكن بثياب بعض بخوف والدموع تغسل وجوههن .. فلم تجد كلمات تهدئ من بها من روعهن  .. واكتفت بالدموع  وهن حولها  يترجينها  بأن تنادي على والدهن من النافذة ..
 
سيعود
صدقينا إن ناديته سيعود.
 
هكذا بكل مشكلة .. يخرج غاضباً ثم يعود الى بيته وبناته وزوجته .. ولكن هذه المرة تأكدت الكبرى انها ليست ككل مرة .
 
تتسائل بينها وبين نفسها
لماذا لم تولد في اسرة سعيدة .. ووالدين متحابان .. لماذا لا يكلل الأمان سقف بيتهم .. والى متى ستظل تعيش الخوف من الغد خشية ان يأتي بالمزيد من الأحزان .
 
عاشت في عائلة مفككة كحال اخواتها يوماً هنا ويوماً هناك
لم تعرف ما يسمى بالدفء العائلي .. ولطالما تسائلت كيف يكون الإحساس به .
 
ولم تنتهي مشاكل الوالدين .. فكلما زُرن والدهن يبدأ بالتحقيق .. وتوجيه الإتهامات .. وكيف ان والدتهن تلعب بعقولهن .. وانه البرئ الذي لم يستطيع ان يستمر بحياة كلها نكد .
 
والحال ذاته عند عودتهن .. وكيف هي البريئة التي ما كانت تريد بالحال ان يصل الى هنا ووو … الخ ..   حياة قاسية …  باردة…
 
واحساس بالخجل الإجتماعي من كل الناس..  عشنه، وكُن لا يرغبن بالحديث عن عائلتهن امام احد، وتحرجهن اسئلة الناس .. وكيف كُن يرين انحطاط  قيمتهن عند كل عائلة تأتي لخطبة احداهن، لأن على كل عائلة ان تزور الأم منفردة والأب منفرد .. ومسلسل ما بعد الزواج اكثر إيلاماً لكل منهن….
 
 
 
عاشت عمراً بعد هذه الحادثة لم تشعر يوماً بالأمان .. ولم تثق يوماً بأن الدنيا ستكون الى صفها
ومهما وهبت من مشاعر وتفانت بخدمة من تحب .. إلا انها كانت دائما تدرك بأن النهاية ستكون فراق الأحبة .
 
تضع قلمها جانباً
وتطوي دفترها .. بانتظار يوم آخر تكتب به صفحة أخرى من صفحات حياتها .
 
 
تشعل سيجارة وتأخذ رشفة من فنجان قهوتها ..
تنظر من خلال النافذة الى الجو الكئيب .. والسماء الرمادية ..
جو خاانق  .. آآآه كم تمقته.
 
هذه الأجواء التي تعيد  الأحزان الى الذاكرة ..
فتكتب حتى لا تخنقها الذكريات.
 

ليست هناك تعليقات: