الخميس، ٤ تشرين الثاني ٢٠١٠

من قصص الحب 1


جمعتهما المعاناة؛ فقد طُعن كل منهما من اقرب الناس إليه؛ فكانت لقاءاتهما متمركزة على الحديث عن هذا الألم الذي قربهما اكثر واكثر، حتى لم يعد بوسع اي منهما البعد عن الأخر .. استمرت الإجتماعات واللقاءات؛ ثم بدأت الإتصالاات الهاتفية في النهار والليل؛ فهو إن لم يراها او يسمع صوتها يصيبة الحزن ويجافيه النوم، فقد اصبح يتنفسها حباً؛ كما هو حالها ايضاً.
تطورت الصداقة، و عاشا الحب الذي قرب بينهما اكثر، وابعدهما في الوقت ذاته عن محيطهما الأسري و صداقاتهما، وبنيا معاً عالماً خاصاً بهما .. عندما تبتعد لا يطيق نفسه وحين يبتعد تفقد قدرتها على رؤية اي جمال، ولا يستطيعان الخروج من الوحدة بأن يجتمعا بأي من الأصدقاء ليبددا لحظات الحزن والشوق الجارف، هو: يعيش حالااته الهستيرية وعصبيته المدمرة وهو ينتظر منها ان تهاتفه لتطمئنه عنها و عن سبب غيابها او ابتعادها كما هي حين يبتعد ولا تعرف أين هو وما الذي أخره.
كان ابتعاد احدهما عن الأخر لا يزيدهما إلا حباً  فوق حُب، وشوقاً اكبر، ولكن العاشقان كانا يحلمان  بالمزيد، وهو الذي لم يملكانه لاعتبارات كثيرة، فالمجتمع مغلق ومحاسبته قاسية، وله عيون تصطاد النظرات؛  تحللها وتفسرها وتحاسب عليها، ولم يعلم بقصة حبهما إلا صديقيهما المقربين، فكانا على علم بكل تفاصيل الحب العاصف الذي نشأ ذات ألم.
نقطة تحول في مسار تلك العلاقة حصلت حين سافرت الحبيبة وغابت لعدة شهور؛ اصاب العاشق الحزن والمرض لبعدها عنه، ففلتت اعصابه منه،  واصبح يدمر كل ما يراه امامه، و لم يعد يطيق اي من افراد اسرته لو تحدث معه بأي امر، عصبيته فاقت كل الحدود، فقد اختفت من حياته اللقاءات والمكالمات الهاتفية إلا ما ندر حين كانت الحبيبة تجد بعض الوقت لاتصال قصير ومقتضب، ثم حل النت محل الهاتف، و عادت اللقاءات اليومية تصاحبها الكاميرة لتخفف وطأة الغربة و الإبتعاد، كانت ترتب له البيت وهي تخاطبة عبر الإنترنت، وتختار ثيابه، وتعطي رأيها بالديكور والألوان،  و تعد معه شنطة سفره إن اضطر لسفرة سريعة بداعي العمل، ولم يبقى اي شئ لم تراه بالبيت عبر الكاميرة وتعطي رأيها به، وكأنها تعيش معه وتشاركه دقائق يومه وليله،  ولكن كل هذا لم يكن يكفي ليبدد وحدتهما التي عاشاها بالرغم  تلك اللقاءات الدائمة و بالرغم من وجود العائلة  والأصدقاء في حياة كل منهما، ومع انتهاء فترة الغربة القصيرة حقيقةً والطويلة بالنسبة إليهما، أعد لها استقبالاً شاعرياً لا يليق إلا بعاشقين .. فدعاها الى سهرة على شرفة مطلة على اجمل منظر في العالم،  وعلى طاولة مستديرة ملأها شموعاً ووردواً حمراء، وموسيقى شاعرية بددت سكون الليل. 
استقبلها بتأنق مبالغ به، كنجم في حفل اوسكار وهي بردائها الطويل، وشعرها المسترسل على كتفيها، وعانقها بشوق فاق الوصف، طال بهما الحديث على مائدة العشاء الرومانسي،  وهما يسردان كيف مرت تلك الشهور، ومدى الشوق الذي اضنى قلبيهما؛ ثم مد يده إليها بأناقة بالغة يدعوها لرقصة هادئة .. فأخذها بين ذراعية وضمها الى صدره وهو يعترف لها بأن الحب الذي يشعر به لا يمكن إلا ان يتكلل باتحادهما و عدم فراقهما مرة اخرى لأي سبب كان .. ودار بها  كأميرة في عالم يشبه الأحلام وهو يراقصها ثم اخرج من جيبه علبة صغيرة بها خاتم تنافس احجاره بريق النجوم واكد لها بأن هذه هي البداية  فقط لحياة سعيدة ستجمعهما ما دامت لهما الحياة .. فارتمت على صدره والدموع تنساب على خديها من الفرح، تعانقه،  وتحضن سعادة العالم به.
يتبع من قصص الحب 2
هي قصص من الواقع الذي عايشته عن قرب
ميرفت بربر

ليست هناك تعليقات: