الخميس، ٤ تشرين الثاني ٢٠١٠

الإنتظار ..


طالت ساعات انتظارها اليومية التي اعتادتها عند ذلك الجسر حيث كان موعدهما الأول، و كانت تمني النفس بكل مرة بأن هذا الجسر الذي شهد حبهما سيشهد على عودته ايضاً، و لكن ما الذي اخره؟، و هو الذي حدد الموعد ذات مساء حين قال لها، كلما آلت الشمس للغروب انتظريني عند الجسر، لا اعلم موعداً محدداً لعودتي، غداً او بعد غد، لن اتأخر، ولا اريد عند عودتي ان يكون الجسر خاوياً منكِ، و من دفء انفاسك ساعة اللقاء؛  لا تجعلي صقيع الوحدة، و وحشة المساء  من يستقبلني؛ عادت بذاكرتها الى آخر لقاء بينهما حين صرح لها بحبه بشكل واضح و صريح، و أكد على ان شوقه الدائم اليها ملك عليه كل احاسيسه؛.. ترى ما الذي يؤخر رجلاً يحمل كل تلك المشاعر، و ما الذي يضطره الى الكذب إن لم يكن يملكها حقاً، لااا .. لم يكن يكذب، إذن اصابه مكروه بدون أدنى شك، لا لا هزت رأسها بقوة في محاولة لبعثرة تلك الأفكار و منعها من ان تملئ  رأسها، و ان يذهب بها التفكير بعيداً حيث يمكن ان تكون النهاية لذلك الحب مأساوية .. تكررت زياراتها لذلك الجسر وشعرت به قد بدأ يمل وقوفها الطويل عليه كلما قابلها برياح شديدة تلتف من حولها، و تبدد اناقتها التي حرصت عليها؛ .. اصبح وقوفها في ذلك المكان الخاوي البارد امراً يصعب احتماله، فقد طالت فترة الإنتظار.
في احدى مساءاتها المتشابهه لم تحرص على اناقة مميزة، خرجت من بيتها، و اخذت تسير الى ذلك الجسر بخطى متثاقلة، و قلبها يعلمها بأن مصير هذا الإنتظار كسابقيْه؛ إلا ان القدر خيب ظنها و رسم على وجهها ابتسامة عريضة و رقص قلبها حين ظهر خيال رجل متوشح بالسواد من بعيد يسير بخطئ بطيئة، يتوقف تارة، ثم يكمل المسير حتى وصل اليها، تهللت اساريرها و فتحت ذراعيها لاستقبال حبيبها الذي جاء اخيراً، و بعد لحظة انتفض قلبها، و انسلت من بين يديه ترتجف، و كأنها عانقت كتلة ثلجية؛ ساد الصمت، و حتى العيون لم تتحدث بلغتها و كأنها تخبر دون كلام بأن ما كان بينهما انتهى .. تراجعت عدة خطوات الى الوراء، و سألته عن سبب تأخره،  و بأجابات مقتضبة منه اظهرت لها ان هذا العائد ليس هو من ودعته و تواعدت معه على اللقاء حيث دفء انفاسها و احضانه يشعلان هذا الجسر، ينشرا به الحب، و يملآنه بالحياة.
بعد مرور عدة دقائق قررت ابتلاع المها، و العودة من حيث اتت؛ استدارت دون وداع!!.. ابدى اندهاشه من تلك المبادرة التي ادعى بأنه لم يفهم لها سبباً، نظرت اليه النظرة الأخيرة، و قالت له؛ احضر الى هنا كل مساء مرتدية اجمل فساتيني، و عطوري لأستقبل حبيبي حيث تواعدنا، و هو لم يحضر بعد،  و لن يحضر، و قد اطلقت سراحه ليقرر متى يعود و إلى من .. ثم توارت داخل المساء يدثرها بثوبه القاتم شيئاً فشيئاً. 


ليست هناك تعليقات: